أزمة الأخلاق و القيم في الفلسفة الغربية المعاصرة و تأثيراتها على الواقع الراهن عند جاكلين روس

Abstract

سعت هذه الأطروحة إلى استجلاء مظاهر الأزمة الأخلاقية والقيمية التي ميزت الفلسفة الغربية المعاصرة وتحليل تداعياتها العميقة على واقعنا الراهن، وقد تم تناول الموضوع عبر استعراض تاريخية القيم الأخلاقية منذ العصور القديمة، حيث شكلت الفلسفة اليونانية والوسطى إطاراً مرجعيا لتطور الأخلاق كفضيلة أو خضوع للنظام الإلهي. مع التحولات الكبرى في الفكر الحديث ظهرت نظريات أخلاقية أسهمت في تعميق الأزمة القيمية، مثل أخلاق المنفعة التي تركز على المصلحة الفردية أو الجماعية دون مراعاة الأسس الأخلاقية الثابتة، وأخلاق القوة النيتشوية التي تدعو لتجاوز القيم التقليدية بإرادة القوة، وأخلاق الوجودية التي رغم تأكيدها على الحرية تنزع إلى النسبية المطلقة، هذه الممارسات الفكرية أدت إلى ظهور تمظهرات أزمة قيمية واضحة: فراغ أخلاقي نظري أفضى إلى العدمية، فردانية نرجسية ترتكز على اللذة كغاية سقوط الأيديولوجيات الكبرى، والهيمنة التقنية التي اختزلت الإنسان إلى أداة ضمن نظام إنتاجي صارم، تقدم جاكلين روس قراءة نقدية لهذه الانهيارات الأخلاقية. أما في مواجهة هذه الأزمة، فقد تناولت الأطروحة وجهة نظــر جـاكلين روس المحاولات استعادة القيم من خلال رؤى معاصرة، حيث ركزت على أخلاق الغيرية التي تعلي من شأن الآخر، وأخلاق التواصل التي تعيد الاعتبار للحوار والاعتراف المتبادل، وأخلاق المسؤولية التي تنبه إلى تبعات الأفعال الإنسانية على المستقبل، إضافة إلى البيواتيقا التي تسعى لتأطير الممارسات العلمية والطبية ضمن معايير أخلاقية إنسانية، وقد تم تحليل رؤية روس لهذه النظريات باعتبارها مشروعاً لإعادة بناء منظومة قيمية تستجيب لتحديات العصر وتزاوج بين النزعة الإنسانية والوعي بالمسؤولية المشتركة خلصت الأطروحة إلى أن الأزمة الأخلاقية المعاصرة هي انعكاس لتحولات فكرية وثقافية عميقة، وأن تجاوزها يتطلب العودة إلى منظومة قيمية تجمع بين الالتزام الأخلاقي الفردي والوعي الجماعي المشترك، وأنه ينبغي تكثيف الجهود الفلسفية لإنتاج خطاب يتجاوز الانقسام الثقافي ويؤسس لحوار عالمي يعيد الاعتبار للكرامة الإنسانية بوصفها محورا للقيم المشتركة.